في الحقب الأولى من أزمنة ما قبل التاريخ لم يعرف
الناس الحياة في المساكن. فقد عاشوا في العراء والكهوف، وعندما اكتشفوا الأدوات
تمكنوا من بناء أكواخ من طين وسقفوها بالقش، ومن فروع الأشجار. واستخدموا المساكن
الجرفية التي بنيت على واجهات الصخور والكهوف. ويسكن الناس في كثير من بقاع الأرض
أكواخًا تشبه تلك التي استخدمها إنسان ما قبل التاريخ.
ومع تطور الحضارات القديمة تعلم الناس تشكيل المواد الطبيعية واستغلالها وصنع
مواد جديدة للبناء. وخلال العصر البرونزي، أي قبل 5,000 سنة، شُيّدت البيوت من
الحجارة والطوب المجفف بالشمس في بلاد بابل ومصر.
ولقد شيّد الرومان فيلات واسعة مترفة ذات جدران من الطوب وأسقف من البلاط وزودت
بعض المساكن بنوافذ من زجاج. ومع مر العصور طور الناس في الجزيرة العربية والهند
والصين واليابان بناء المدن وخططوا الطرق وشيدوا البيوت من عدة طوابق.
وبتدهور الإمبراطورية الرومانية خلال القرنين الخامس والسادس الميلاديين نسي
الناس الطراز الروماني في البناء، ودرجوا في كثير من الدول على تشييد مساكن تشبه
مخازن الحبوب أو حظائر الحيوانات ذات دعامات خشبية مقوسة، وشيدوا القليل من المساكن
الحجرية. غير أن الأوروبيين استطاعوا بناء حصون كبيرة لحماية أنفسهم خلال القرن
الحادي عشر الميلادي. وبحلول العصور الوسطى أصبحت الحياة أكثر أمنًا وسلامًا في
أوروبا، وتحسنت الأوضاع الاقتصادية وتطورت المدن وشُيّدت المساكن متجاورة وزودت
بأفاريز من خشب وجدران من قضبان مضفورة بالقش المكسو بالجص، وشيدت لها طرق
ضيقة.
وخلال القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين زاد الطلب على المساكن؛ نظرًا
لزيادة عدد السكان في كثير من الدول بشكل مطرد. وعكف العلماء والمهندسون على إنتاج
مواد حديثة وأبرزوا أساليب وأنماطًا متطورة، وصمموا المساكن العصرية مستخدمين في
بنائها الفولاذ، والخرسانة المسلحة، والبلور والبلاستيك.وخلال القرن الخامس عشر
الميلادي طور المعماريون الأوروبيون بناء المساكن من النمط التقليدي اليوناني
والروماني إلى مساكن ذات درج واسع وواجهات وغرف واسعة. وخلال الأربعمائة عام
التالية قام المهندسون المعماريون في أوروبا وقارات أخرى بتطويرها وإدخال أنماط
حديثة، وانتقلت من أوروبا إلى أمريكا وإفريقيا وآسيا وأستراليا.
وطور المصممون خلال الخمسينيات من القرن العشرين نظام الوحدات السكنية وأنتجت
المصانع المباني الجاهزة؛ بحيث يمكن تشييد عمارة في وقت قياسي. وانتشر استعمال هذه
الطرق عبر العالم إلا أن الأنماط التقليدية ما زالت تجد رواجًا لدى الذين يسعون إلى
شراء المساكن.
البحث عن المسكن.في معظم الدول يقوم الوكلاء
العقاريون أو السماسرة بمساعدة من يرغبون في شراء المساكن أو بيعها،
وذلك بأن يحتفظوا معهم بقوائم تضم المساكن المعروضة للبيع. وفي بعض البلدان، تقوم
الشركات التعاونية العقارية بعملية شراء وبيع المساكن. فإذا أراد أحد الناس
شراء مسكن في منطقة معينة، يقوم تاجر العقار بتزويده بتفاصيل مسهبة عن بعض المساكن
المناسبة. ومن ثم، فإنه يقوم بعد ذلك بترتيب زيارة له إلى تلك المساكن.كما أنه
يساعد في عملية التفاوض بين المشتري والبائع. وقد يرتب تاجر العقار زيارة للخبير
الذي قد يقوم بفحص العقار، كما أنه يساعد المشتري في الحصول على قرض من المصرف
لشراء المسكن. انظر: الرهن العقاري. ونظير
كل ذلك يحصل تاجر العقار على عمولة من البائع بعد إتمام البيع.
ويقوم بعض البائعين بالإعلان عن بيع مساكنهم في الصحف أو غيرها. ومن ثم، يقوم
البائع بمفاوضة المشتري مباشرة. وفي هذه الحالة، لا يدفع البائع أتعابًا لتاجر
العقار، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض السعر. وهناك دول لا يوجد بها تجار عقارات.
ولأن المحامين لا يقومون بالتفاوض في مثل هذا البيع، فإن المصارف قد تقوم بدلاً
منهم بمد يد المساعدة في هذا الشأن. كما توجد شركات التنمية، وكثير من المقاولين
الذين يعرضون أيضًا أبنيتهم للبيع مباشرة.
ويجب على المشتري، قبل أن يقرر شراء المبنى أو المسكن، أن يفحص المبنى عن طريق
مسّاح كفء، ويقوم بملاحظة أي عيوب، مثل الرطوبة والعفن وعثة الخشب والهبوط، وكذلك
أي عيوب في الجدران أو السقوف أو الدعامات.كذلك يقوم المساح بفحص السباكة وشبكة
مصارف المياه، وكذلك تركيبات الكهرباء والغاز. وفي تقريره، يُبين المساح للمشتري إن
كانت هناك نفقات للإصلاحات، وإن كان سعر الشراء مناسبًا.فحص المبنى. ينبغي على المشترين أن يقوموا بفحص المبنى بشكل شامل،
ومعرفة مدى انخفاض الموقع ومن ثم تعرضه للمياه، وكذلك مدى تعرض المبنى للرياح
العاتية. كما ينبغي على المشترين أن يقوموا بدراسة وسائل الراحة والمعيشة ومعرفة إن
كانت تتناسب وأسعار العمالة. كذلك يجب أن يدرس المشتري الحالة العامة للمبنى.
والواقع أن أي مبنى أو مسكن في حالة سيئة قد تكون به جدران مائلة أو مشبَّعة
بالرطوبة أو متشققة، أو يكون به سقف متهالك أو آثار رطوبة على الجدران والسقوف.
تمويل عملية الشراء. إذا لم يستطع المشتري دفع ثمن الشراء
كاملاً، فبإمكانه بشكل عام اقتراض جزء من المبلغ أو المبلغ بكامله. ويحتفظ الدائن
بأوراق الملكية (وثائق ملكية البناء) إلى أن يتم استيفاء القرض بكامله.
وكثيرًا مايسدِّد المدين مبلغ القرض في صورة أقساط. وإذا تقاعس المقْتِرض في سداد
القرض، يحق للدائن بيع العين وفاءً لماله. ويُطلَق على هذا النوع من القروض اسم
قرض الرهن. وقد يكون هذا القرض عن طريق المصارف، أو عن طريق شركات التأمين، أو
السلطات الحكومية المحلية أو الوطنية، أو عن طريق مجموعة شركات التعمير، أو عن طريق
فرد من الأفراد.
الاستئجار. يقوم كثير من الناس باستئجار المساكن أو الشقق
بدلاً من شرائها. كما يمكن أن يَشْغَل المرء منزلاً لمدة غير محددة، أو بعقد إيجار،
ويمكن للمستأجر أن يحصل على عقد إيجار قانوني من المؤجِّر (المالك)
صاحب المسكن. وينص العقد على أن من حق المستأجِر أن يشغل المسكن لفترة محدَّدة نظير
إيجار متَّفق عليه. كما يمكن أن تكون مدة العقد سنتين، ويمكن أن تصل إلى مائة عام.
ويشتري المستأجر العقد،كما يقوم بدفع مقابل انتفاع عن الأرض للمالك سنويًا.
أما المستأجر لمدة غير محددة، فهو لا يحصل على عقد للإيجار. وبوجه عام، تكون
عملية الإيجار لفترة غير محدودة، حيث يحق للمستأجر أن يرحل متى شاء، ويمكن للمالك
أيضًا أن يسأل المستأجر ترك المسكن، أو أن يطالبه بمبلغ إضافيّ يدفع أسبوعيًا أو
شهريًا أو سنويًا. ويقوم كثير من الملاك بتأجير المساكن والشقق المفروشة للمستأجرين
لمدد غير محددة.
تخطيط المسكن. يعتمد بناء أي
مسكن على نمط البناء، وعلى نوع المواد المختارة. وفي معظم الدول، يعمل المهندس
المعماري مع البناء لوضع مخطط للمسكن الجديد. ويجب أن تتوافق هذه المخططات مع
القوانين المحلية، ومع مجموعة المواصفات الكهربائية والإنشائية، وكذلك مع مواصفات
السباكة. انظر: السكن.
بعد ذلك، يبدأ المهندس المعماري في تصميم المسكن وفقًا لرغبات المشتري، ثم يقوم
بوضع مواصفات معينة وعمل الخريطة الزرقاء أو خريطة التصميم المعماري.
وتتوافر في هذه الخريطة معلومات عن الأحجام ومواد البناء، وعن الطريقة التى سيتم
بها بناء المسكن. وقد يشرف المهندس المعماري أيضًا على الإنشاءات الفعلية
للمسكن.
الأساس. يُعد الأساس دعامة المسكن، ومن ثم يقوم عمال
البناء، في بداية الأمر، بعملية الحفر أو حفر الأساس من أجل صب
الركيزة، وهو أدنى جزء في الأساس. وتدعم الركائز الخرسانية ثقل كلِّ حائط، ويتم
ذلك بصب الإسمنت في قوالب خشبية أو معدنية. وتمتد الركائز الخرسانية عادة نحو 30 -
180سم تحت مستوى سطح الأرض. ويستعمل البنّاؤون عادة الخرسانة أو الأعمدة الخرسانية
الجاهزة في بناء الأساس الذي يمكن أن يرتفع نحو 20 - 90سم عن سطح الأرض. ويُطْلق
على المنطقة التي تقع أسفل الطابق الأول اسم البدروم أو الدور التحتي.
والواقع أن الأدوار التحتية تضيف إلى تكاليف البناء، إلا أنها تمدنا أيضا بحِّيز
إضافي.
وفي كثيرٍ من المناطق المنخفضة أو الرطبة، ترتفع المساكن فوق سطح الأرض بوساطة
جسور أو دعامات. وفي بعض الأحيان، قد يوضع أساس من طبقة خرسانية
مباشرة فوق سطح الأرض، خصوصًا إذا كانت الأرض صلبة. لكن يجب أن تُمهَّد
الأرض أو تسوى قبل ذلك. وعندئذ، يقوم العمال بوضع حشوة عادة ما تكون
أحجارًا، ثم يغطى كل ذلك بورق عازل للرطوبة. والواقع أن الحشو والورق يمنعان تسرب
الرطوبة عبر الألواح. ويصب الإسمنت مباشرة على الورق وبسُمْك 10سم تقريبًا.
الجدران الخارجية. يمكن بناء الجدران الخارجية من طبقات
من الطوب أو من قاعدة خشبية تقام عليها الجدران الخشبية.
وبعد أن يُسَمِّر النجارون غلافا (طبقات داخلية) من ألواح التسقيف، أو
ألواحًا من الجص، إلى قمم سقوف السطوح المائلة، يقومون
بإضافة ورق بناء غليظ أو
حشية لباد سميكة إلى كل ذلك. وتضاف الطبقة النهائية من طبقات الأردواز أو البلاط أو
قطران التسقيف. أما الحشوة المعدنية أو الألواح المصنوعة من الرقائق
المعدنية والتي توضع حول المدخنة في المساكن الأوروبية وما أنشئ على نمطها في بلاد
أخرى، وحول الفتحات الأخرى لسقف السطح، فهي توضع كي تعزل السقف عن المدخنة، وكذلك
لتمنع تسرب المياه إلى داخل المنزل. انظر: السقف.السقف. يسد السقف قمة
المسكن. وهناك سقوف منبسطة، إلا أن معظم السقوف منحدرة. وتُشكّل السقوف المنحدرة
عادة من قطع من ألواح الخشب يُطلَق عليها اسم الروافد. يقوم النجّارون
بتثبيت نهايات الروافد إلى الصفائح عند قمة الجدران الخارجية. وتنحدر الروافد فوق
الصفائح لتلتقي مع ألواح الحافة، وهي ألواح توضع فوق حافة المسكن أو
تلتقي مع حافة قمة السقف. وتقوم الروافد بحمل ثقل سقف السطح، أما الجيزان فهي
لتدعيم ثقل الأرضية.
الإنشاءات الداخلية. وهي تشمل: 1- الأرضيات. 2- الجدران.
3- النــوافـــذ. 4- الأبواب.
الأرضيات يمكن عملها من ألواح من الخشب أو من كسوة من الخشب. ومعظم الأرضيات
الخشبية تُصنع من الخشب الثقيل، مثل خشب القَيْقَب أو البلوط، بعد إعداده بشكل
نهائي، ثم تُملأ الفجوات بعد ذلك بحشوة خاصة من معجون أو نحوه. وبعد ذلك، يمكن صقل
الخشب بالشمع أو بالمواد المُلَمِّعَة.
وقد تستخدم لبعض الأرضيات فَرشةٌ مثل مشمع الأرضيات أو المطاط أو الفينيل أو
رقائق من الأسفلت. انظر: فرش الأرضية.
الجدران. تُشَيَّد الحجراتُ عادةً ببناء جدران داخلية؛ وذلك بعد أن يتم ربط
الجدران الخارجية بالأساس. ويطلق على الجدران الداخلية اسم الفواصل. وفي
حالة استخدام الجص، يجب تغطية الجدران الداخلية أولاً بألواح خشبية رقيقة أو
بألواح طويلة من الخشب أو المعدن أو بألواح إقامة الجدران. وتوضع ألواح
تغطية الجدران بشكل أفقي، وتفصل بين كل منها مسافة تصل إلى نحو ثمانية
سنتيمترات.
ويمكن أن نستعيض عن ألواح الحائط أو ألواح تكسية الجدران أو خشب الأبلكاش
المُغرَّى باستخدام الجص. انظر: ألواح
الحائط.
النوافذ. تأتي معظم أجزاء النوافذ من المصانع أو من تجار مواد البناء مصنوعة حسب
الأحجام المناسبة. انظر: النافذة.
الأبواب. يُمْكن شراءُ الأبواب وإطاراتها جاهزة الصنع. ويُثبِّت النجارون
الأبواب بارتفاعات كافية، حتى يكون بإمكانها أن تتأرجح فوق مستوى السطح أو فوق
مستوى السجاد. ويتم ملء الفراغ تحت الأبواب الخارجية ببناء العتبات.
تمديد خطوط الكهرباء. تمدنا خطوط الكهرباء بالضوء، وهي
تُدير الغسالات والأدوات الكهربائية المنزلية الأخرى، كما تزوِّدنا بالحرارة. ويمد
الكهربائيون الأسلاك الكهربائية على التوالي، من الدوائر الكهربائية. ولكل مجموعة
من الأسلاك الكهربائية عدد من المخارج الكهربائية. وغالبًا ما يصل الكهربائيون خطوط
التدفئة العمومية بدائرة كهربائية منفصلة، الأمر الذي يجعل نظام التدفئة مستمرًا
إذا انفصلت أية دائرة كهربائية أخرى.
لكن الأسلاك الكهربائية قد تسْخن، الأمر الذي قد يسبب حريقًا إذا ما زادت طاقة
التحميل عليها. لذا، فإن الكهربائيين عادةً ما يزودون كل دائرة كهربائية بصمامات
أمان كهربائية. انظر: الصمامة.
وعادة ما يحمل صندوق الصمامة جميع الصمامات معًا. وفي حالة مرور تيار
كهربائي كبير عبر أية دائرة كهربائية، فإن السلك المثبت في صمام الأمان ينصهر، أو
يحترق. وغالبًا ما يركب الكهربائيون جهازًا وقائيًا آخر يُدْعى مفتاح قطع
الدائرة، وذلك بدلاً من صندوق الصمامة. انظر: قاطع الدائرة الكهربائية. وعندما تزيد طاقة
التحميل على أي دائرة كهربائية، يقوم قاطع الدائرة الكهربائية، بشكل تلقائي،
بقطع التيار الكهربائي. انظر: الدائرة
الكهربائية.
السباكة. في أثناء عملية الإنشاء، يقوم السبّاكون بمد
أنابيب الغاز والماء والصرف الصحي. ويتم ذلك كله قبل أن يضع العمال الآخرون اللمسات
الأخيرة للمبنى. كذلك يضيف السباكون محابس الروائح (البالوعات) لمنع تسرب
غاز البالوعات. أما محبس الروائح المستخدم لأحواض الغسيل في دورات المياه، مثلاً
فهو خط أنبوبي متعرّج، يقع أسفل مصرف المياه تمامًا بحيث يستقر الماء في الجزء
السفلي من الماسورة، ويمنع بذلك غاز البالوعة من الارتداد والتسرب مرة أخرى. وحتى
تعمل بشكل صحيح، يجب أن تشتمل محابس الروائح على نظام تهوية خارجية. أما الماسورة
الصغيرة التي تبرز من أعلى سطح البناء، فهي ماسورة تهوية لتسريب غاز ومياه
البالوعات.
وهناك أنبوب تصريف الفضلات والصرف، مصنوع من الحديد الزهر ويمتد من داخل المسكن
مترًا ونصف المتر خارج البناء، حيث يتصل بأنبوب آخر مصنوع من مادة أخرى، وعادة ًما
يكون من الفخار، ويصل هذا الأنبوب ماسورة تصريف المسكن بشبكة الصرف المحلية. وفي
المناطق التي لا توجد بها شبكة صرف محلية، يُستعاض عن ذلك بخزان التحليل
الذي تُخزَّن فيه الفضلات إلى أن تتحلل. أما مياه البالوعات القذرة، فإنها تتسرّب
إلى الأرض عبر المواسير. ومن حين لآخر، يجب إزالة الرواسب من الخزان. انظر: السباكة؛ المجاري.
العزل. يقلل العزل كمية الحرارة أو البرودة التي تنفذ عبر
الجدران والأرضيات و السقوف. وعندما يكون الهواء المحيط بالمسكن أدفأ أو أبرد من
الهواء في داخله، فإن الحرارة تنتقل من الجو الدافئ إلى الجو البارد. وهذا يعني أن
الحرارة ستجد طريقها إلى الخارج في فصل الشتاء، وأن المسكن سوف يصبح باردًا. أما في
فصل الصيف، فإن الحرارة في الخارج سوف تجد طريقها إلى المسكن. والواقع أن مهمة
العزل هنا هي ملء فراغات الهواء في الجدران والأرضيات والسقوف، ليكون هناك حيز هواء
لا منفذ له، وهذا يساعد على منع فقد الحرارة. وبإمكان عملية العزل أن تقلل من
تكاليف تدفئة المسكن. انظر: العزل.
كذلك من الممكن تزويد المسكن بنظام للتدفئة والتكييف. انظر: تكييف الهواء؛ التدفئة.
هندسة المناظر. تعتبر هندسة المناظر خطوة أخيرة في بناء
المسكن، حيث يحاول البناؤون الإبقاء على الشكل الطبيعي للأرض، وأن يحافظوا أيضًا
على الأشجار. ومن ثم، فإن الأمر يتطلب إجراء بعض عمليات التسوية والحفر للأرض. وبعد
أن ينتهي بناء المسكن، قد يحاول صاحب البناء أن يهيئ مساحة خضراء حول المسكن، كما
أنه قد يغرس الأشجار والشجيرات. انظر: تنسيق
الحدائق؛ هندسة المناظر.
ويُفضّل كثير من الناس بناء مساكن خاصة، إلا أن معظم المساكن الحديثة في الدول
المتحضرة، تقوم ببنائها الشركات أو السلطات المحلية، وتقوم بعد ذلك بعرض تلك
المساكن للبيع أو الإيجار. ولمزيد من الشروح الخاصة بالمبادئ العامة للبناء. انظر:
تشييد المباني.
الكتل الخرسانية والحجرية. وهي تستخدم في بناء مساكن قوية
وجذابة. وتصنع الكتل الخرسانية بخلط الإسمنت مع رمل ناعم. يستخدم هذا الخليط لبناء
مساكن متينة، وتتكلف نسبيًا القليل لصيانتها والحفاظ عليها. كما يقوم البنّاؤون
ببناء مساكن من الحجارة المستخرجة من المحاجر، وذلك بتقطيعها إلى الأحجام المناسبة.
ولأن الأحجار تعتبر مادة بناء باهظة الثمن، فهي غالبًا ما تستعمل طبقة خارجية
للوقاية أو الزينة أو كسوة تكسو جدارًا داخليًا من الطوب أو من الكتل الخرسانية.
انظر: حجر البناء؛ الإسمنت والخرسانة.
مواد البناء العصرية تختلف بشكل كبير عن تلك التي سادت قبل مائة عام أو حتى قبل
خمسين عامًا مضت. وقد طورت الصناعة مواد بناء جديدةً ساعدت المهندسين المعماريين
على تصميم مساكن أفضل وأطول عمرًا. وعلى سبيل المثال، كان البناؤون يستخدمون في وقت
مضى مواسير وبالوعات مصنوعة من الحديد الذي يصدأ. أما اليوم، فإن بإمكان البنائين
أن يستخدموا البلاستيك الذي لا يصدأ. كما يمكن استخدام الألومنيوم غير القابل
للصدأ، وكذلك المواد البلاستيكية غير القابلة للتآكل، بدلاً من الخشب أو المعدن،
لإطارات النوافذ والأبواب. وكانت المساكن القديمة تحتوي عادة على نوافذ صغيرة تسمح
لكمية قليلة من الضوء أن تنفذ من خلالها، كما أن إطارات تلك النوافذ كانت تصنع بشكل
غير محكم، ولم تكن دائمًا محكمة الإغلاق، الأمر الذي كان يؤدي إلى تسرب الهواء. وقد
استُخدمت في المساكن الحديثة نوافذ محكمة تمنع تسرب الهواء، وتحفظ الحرارة.
مواد البناء التقليدية تضم كلاًّ من الجليد والطين والخشب وقلف الأشجار والأغصان
والنباتات المتسلقة والحشائش وأوراق الشجر والطوب والأحجار. ويمكن استخدام هذه
المواد حسب وجودها. لكنها بشكل عام مواد لا تتسم بالقوة والصلابة. لذا، يجب أن تكون
المساكن التي تُستخدم فيها هذه المواد صغيرة. أما الخيزران، فيتسم بالقوة وخفة
الوزن، ويمكن فصله ووصله بسهولة. وتُشكِّل أوراق شجر الغابات الضخمة ساترًا جيدًا
ضد الأمطار الغزيرة. ويمكن استخدام الطين لسد الشقوق في الجدران، ولمنع التيارات
الهوائية. كما يمكن استخدام خليط من الطين ودم حيوان بعد أن يجف لبناء أرضيات
متينة.
وتشتمل مواد البناء التقليدية أيضًا على الخشب والحجارة، وخشب الصناعة الخام،
والأردُوازْ والطوب والبلاط والملاط والجِصّ. وتضم أيضًا مواد بناء طبيعيةً ومواد
مصنعةً يمُكِن تشكيلها بالأدوات. وفي كل البلدان التي تتميز بوجود الغابات الكثيفة
فيها، نجد مساكن كثيرة مبنيةً من الخشب. وتتميز هذه المساكن بأنها دافئة في الطقس
البارد، لأن الخشب عازل جيد. وتشيع المساكن الحجرية في البلدان التي يمكن أن
تُسْتخرج الأحجار فيها من محاجر محلية؛ إلا أن الأحجار عوازل رديئة، لذلك يجب أن
تكون الجدران المبنية من الحجارة جدرانًا سميكة. أما أحجار الأُردُواز والقرميد
المصنع، فهي تبني سقوفًا قوية مستديمة.
الخشب. كان الخشب، ولفترة طويلة، مادة بناء رائجة لأنه
عادة أكثر وفرة وأقل سعرًا من مواد البناء الأخرى. ويمكن أن يقطَّع الخشب ويشكل
ليمدنا بأشكال متعددة من أساليب بناء المساكن. والخشب مادة رائجة نظرًا لتعدد
الأنواع المتوافرة منه. وهو يستخدم أيضًا في التجهيزات الداخلية كالأدراج والخزائن
والأرضيات والأبواب والنوافذ. كذلك يمكن أن يستخدم الخشب بشكله الطبيعي أو أن يُصبغ
أو يُطلى أو يُنحت أو يُنقش. انظر: خشب الصناعة
الخام.
الطوب. يعتبر الطوب واحدًا من أقدم مواد البناء وأكثرها
رواجًا. ويعيش الطوب طويلاً، كما يمكن الحصول عليه بسهولة تامة كالخشب تمامًا.
ويتوافر الطوب بألوان وأشكال متعددة. انظر: الطوبة.
تعكس طريقة الحياة في أي بلد إلى حد كبير نسبة
الذين يستطيعون القراءة والكتابة. فكلما زادت نسبة المتعلمين زاد تطور طريقة الحياة
تقنيًا وعلميًا واقتصاديًا.
ولذلك، تقدر معظم المجتمعات القدرة على القراءة والكتابة حق قدرها. فالقراء
المهرة يشاركون في خلق مجتمع مزدهر منتج، ويتمتعون هم أنفسهم في الوقت ذاته بحياة
حافلة ومُرضية.
وفي كل المجتمعات، لا يملك بعض الناس إلا المهارات الأساسية للقراءة والكتابة.
فهم يستطيعون قراءة اللوحات الإرشادية البسيطة وبطاقات الطرود البريدية وأشباهها.
ويستطيع هؤلاء المتعلمون تعلمًا وظيفيًا أن يقرؤوا ويكتبوا بالقدر الذي يمكنهم من
تسيير أمورهم. وهذه القدرة المحدودة ربما تكون كافية لأناس يعيشون في قرية نائية من
قرى بلد نام، ولكنها ليست كافية لمن يعيش في مدينة كبيرة في بلد صناعي. ومن جهة
أخرى، نجد ـ حتى في البلدان الشديدة التطور ـ أناسًا غير متعلمين وظيفيًا، إذ لا
يستطيعون مزاولة القراءة والكتابة اللتين قد يتطلبهما العمل. وقد لا يكونون قادرين
أيضًا على استعمال اللغة استعمالاً جيدًا للوفاء بمطالب مجتمعهم.
ويجري تحديد نسبة التعلُّم (القدرة على القراءة والكتابة) حول العالم اعتمادًا
على الإحصائيات التي تقوم بها كل دولة. ولا تُعَّرف الدول كلها التعلُّم بنفس
الطريقة، ولكن أغلبها يحاول وصف مستوى أساسي من القدرة على القراءة والكتابة. وفي
عام 1990م كان حوالي 73% من سكان العالم الذين بلغت أعمارهم 15 عامًا فما فوق
قادرين على القراءة والكتابة. وهذا يعني أن حوالي بليون شخص ـ أو 27% ممن هم في تلك
السن في العالم ـ كانوا أميين. وفي بعض البلدان مثل كندا واليابان والمملكة المتحدة
والولايات المتحدة الأمريكية، يستطيع 99% ممن هم في سن الخامسة عشرة أو ما فوقها
القراءة والكتابة. ومع ذلك، تظل الأمية الوظيفية مشكلة في الدول المتقدمة.
وتشتمل إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية على أعلى نسبة مئوية من الأميين. وفي
أمريكا اللاتينية، على سبيل المثال، انخفض معدل الأمية من حوالي 32% عام 1960م إلى
حوالي 20% عام 1980م. انظر: الأمية (جدول
معدلات الأمية في بعض البلدان المختارة).
حاول الباحثون منذ مدة طويلة تحديد الأسباب الدقيقة التي تفسر كيف أن بعض الناس
لا يتعلمون القراءة مثلما يتعلمها الآخرون. ولكن كلما أمعن الباحثون في إدراك تعقيد
عملية القراءة تأكد لهم أن معالجة مشاكل القراءة التي تنشأ عند طفل معين أهم بكثير
من الوقوف على السبب الدقيق للمشاكل. ويستعمل بعض المختصين مصطلح عسر القراءة
ليشمل أغلب مشاكل القراءة. ويشير مصطلح عسر القراءة إلى مشكلة يرى فيها
القارئ الحروف والكلمات معكوسة أو مقلوبة. ومع ذلك، فإن مثل هذا العكس غالبًا ما
يحدث عند القراء قليلي التجربة. وعمومًا فإن هذا المصطلح قد فقد أهميته لأنه أصبح
يستعمل لوصف سلسلة طويلة من مشاكل القراءة، الأمر الذي أدى إلى حدوث ارتباك حول
معناه. انظر: عسر القراءة.
ويفضل معظم المختصين مصطلح قصور القراءة لوصف قصور نمو القراءة الذي يمكن
توقعه عند شخص ذي بصر وسمع عاديين وذكاء عادي أو فوق عادي. ويعتقد كثير من الخبراء
الآن أن لمشاكل القراءة أسبابًا عديدة مختلطة جدًا إلى درجة يصعب فيها الفصل بينها.
وإضافة إلى ذلك، لا يوجد قارئان يعانيان بالضبط من مشاكل بعينها. ولذلك، ينبغي أن
يتولى المختص في هذا المجال تشخيص مشاكل القراءة كلها وعلاجها. وللمزيد من
المعلومات حول مشاكل القراءة، انظر: القصور
التعليمي.
علامات مشاكل القراءة. على الآباء والمعلمين وغيرهم من
البالغين مراقبة علامات صعوبة القراءة عند الأطفال. وينبغي عليهم الشك في وجود
صعوبة محتملة إذا أبدى الطفل كراهية للقراءة والمدرسة والواجب. وربما يفضل الطفل ـ
عوضًا عن ذلك ـ النشاطات التي تتطلب قليلاً من القراءة أو لا تتطلب شيئًا منها. وقد
ينتج عن ذلك حصول الطفل على درجات ضعيفة في المدرسة، وأصابة المعلم بالقلق. وقد
يبحث الطفل عن أصدقاء غير مهتمين على وجه الخصوص بالمدرسة وغير ناجحين فيها.
وينبغي على الكبار أن يأخذوا في حسبانهم احتمال وجود مشكلة قرائية عند الطفل إذا
كانت حصيلته من المفردات ضعيفة بشكل غير عادي. فربما كان الطفل الذي لا يجيد
التحدث، أو الذي يقاوم التخاطب مع الكبار، أو يتفادى المواقف التي قد تتطلب
الكتابة، يعاني من صعوبة فهم اللغة المحكية واللغة المكتوبة على حد سواء.
أسباب صعوبات القراءة. يمكن تصنيف صعوبات القراءة في
أربعة أنواع عامة، هي : العزوف (عن القراءة) 2- ضعف التركيز 3-
قلة الخبرة، 4- الإعاقات الجسدية.
العزوف. يعني العزوف انعدام الرغبة في القراءة. والعازفون عن القراءة يستطيعون
القراءة، ولكنهم يميلون إلى تجنبها. والعزوف عن القراءة يكرس نفسه ـ أي لا يستطيع
قليلو القراءة تنمية مهاراتهم القرائية. فالناس عادة لا يحبون القيام بعمل لا
يجيدون أداءه، ولذلك فإن العازفين عن القراءة يميلون إلى التقليل المستمر من
القراءة. ومثل هذا التكريس للعزوف عن القراءة يصبح حقيقيًا على وجه الخصوص في الصف
الدراسي الذي يجلس فيه الطالب العازف عن القراءة وسط قراء مهرة.
ضعف التركيز. إذا أراد الإنسان استخراج المعنى من المادة المقروءة يجب عليه أن
يركز ذهنه على النص. وفي بعض الأحيان يخفق كل القراء تقريبًا في فهم النص الذي تراه
أعينهم. وغالبًا ما يحاول بعض القراء ـ وبخاصة الصغار الذين يكلفون بواجب قرائي
منزلي ـ القراءة بهذه الطريقة، كما لو كانت عملية القراءة عملية آلية لاتحتاج إلى
تفكير. ولكن استيعاب المادة المقروءة يتطلب استحضار معرفة القارئ وخبرته في عملية
الحصول على معنى من الكلمات. فمن الواضح أن الاستيعاب يتطلب اهتمامًا بالموضوع
وكيفية تناول النص له.
ويستطيع القراء العمل على تحسين استيعابهم بعدة طرق. فينبغي عليهم، أولاً، أن
يدركوا السبب الذي دفعهم إلى قراءة نص مخصوص. وينبغي عليهم بعد ذلك إيجاد توقعات
وتنبؤات حول النص الذي سيقرؤونه اعتمادًا على أمور مثل عنوان النص ومؤلفه وبنيته.
وينبغي عليهم أثناء القراءة أن يلخصوا المادة ويقيموها. ومن شأن الرجوع إلى مصادر
أخرى ـ مثل معجم أو نص آخر أو معلم أو شخص آخر ـ أن يساعدهم على توضيح المادة
القرائية الصعبة.
قلة الخبرة. يستحضر كل القراء خبراتهم في عملية الاستيعاب. فالأطفال الذين يأتون
من بيوت تُقدّر فيها الأحاديث والأفكار والمواد المطبوعة حق قدرها تكون لديهم خبرة
واسعة تمنحهم تفوقًا في نموهم بوصفهم قراء. أما الأطفال الذين تكون خبراتهم محدودة
فقد يواجهون مشقة أكبر في القراءة. وإضافة إلى ذلك، قد يستحضر القراء خلفية واسعة
عند قراءتهم بعض الموضوعات، ولكنهم لا يستحضرون إلا خبرة قليلة عند قراءة بعض
النصوص الأخرى.
ويستطيع الكبار مساعدة الأطفال لكي يصبحوا قراء ناجحين عن طريق تزويدهم بخبرات
كثيرة متنوعة، وبخاصة الخبرات المرتبطة باللغة. فعملية القراءة نفسها تثري خلفية
الطفل، ولذلك فإن الخبرة والقراءة تقوي إحداهما الأخرى.
وربما احتاج الأطفال الذين يتحدثون لغة أو لهجة مختلفة عن تلك التي تستخدم في
مدرستهم برامج لتطوير لغتهم. وهذه البرامج تعلم الأطفال بأنهم يستطيعون تعلم أكثر
من لغة أو لهجة واحدة لكي يشاركوا في أمور مجتمعهم العادي ـ ويظلون مع ذلك فخورين
بثقافتهم الخاصة. فكثير من المدارس في المملكة المتحدة وأستراليا وأمريكا الشمالية
تدرس الإنجليزية بوصفها لغة ثانية، وتقدم تعليمًا خاصًا للأطفال الذين يتحدثون
بلغتين.
الإعاقات الجسدية. يمكن أن يسبب قصور النمو العقلي وعيوب البصر والسمع صعوبات في
القراءة، ولكنها مع ذلك، ليست مسؤولة إلا عن نسبة قليلة من مشاكل القراءة. وقد
يلاحظ الكبار جوانب شاذة رئيسية في النمو العقلي للطفل قبل وقت طويل من ظهور
المخاوف حول قدرات الطفل القرائية. وقد يكون الأبوان يتلقيان مساعدة لطفلهما. على
أن جوانب الشذوذ البسيطة قد لا تظهر إلا عندما يبدأ الطفل في القراءة. وعندما يلاحظ
المعلمون فرقًا كبيرًا بين الأداء القرائي المتوقع من الطفل وإنجازه الفعلي، فإنهم
قد يوصون بعرضه على طبيب أطفال ليتولى تقييمه.
ولا تنتج المشكلة البصرية أو السمعية في حد ذاتها قراءة ردئية. ومع ذلك، فإن حل
مثل هذه المشكلة يساعد على نمو القراءة. وقد لا تظهر العيوب السمعية والبصرية إلا
بعد أن يُجرى للطفل فحص تصويري في المدرسة، بيد أن الآباء والمعلمين قد يلاحظونها
قبل ذلك. وتتضمن علامات وجود مشاكل بصرية محتملة عند الطفل فرك العينين وتخزيرهما،
وتقريب الصورة أو المادة المطبوعة من الوجه أو إبعادها عنه، والشكوى من الصداع.
وربما كان الأطفال الذين لا ينتبهون، أو الذين يخطئون في فهم التوجيهات أو يطلبون
إعادتها، أو الذين لديهم عادات غير طبيعية في التحدث، يمرون بصعوبات سمعية. وفي
أغلب الأحيان، يمكن حل مشاكل البصر والسمع عن طريق النظارة أو السماعة المكبرة
للصوت التي توضع في الأذن.
حاول المربون طوال سنوات عديدة تحديد الجاهزية
القرائية، أي العمر الذي يصبح فيه الأطفال جاهزين لتعلم القراءة. واعتقدوا أن
الخصائص التي تشير إلى استعداد الأطفال للقراءة تتضمن القدرات البصرية والخبرات
والاستقرار العاطفي والتقدم اللغوي وغيرها من الخصائص الأخرى. واتفق الخبراء عمومًا
على أنه عندما يصل الأبناء والبنات سن السادسة والنصف تكون هذه الخصائص المتنوعة قد
نمت نموًا كافيًا يمكِّنهم من تعلم القراءة. ونتيجة لذلك، تقدم معظم المدارس تعليم
القراءة الرسمي للصغار ابتداء من هذه السن.
أما اليوم فإن معظم المربين يشككون في فكرة أن الأطفال يصبحون جاهزين لتعلم
القراءة في سن السادسة والنصف. ويشيرون إلى أن بلوغ الطفل سن السادسة والنصف لا
يضمن لنا تلقائيًا أنه سيستفيد من تعليم القراءة. فبعض الأطفال لا يكتمل عندهم ظهور
المهارات المرتبطة عادة بالمقدرة على القراءة إلا في السنة الثامنة من أعمارهم،
وبعضهم يمتلك هذه المهارات في سن الرابعة. وإضافة إلى ذلك، يعتقد بعض الخبراء اليوم
أن المقدرة على القراءة تعتمد أساسًا على ما إذا كان في مقدور الطفل أن يركز ذهنه
على الحروف والكلمات بوصفها رموزًا للمعنى أم لا. وقد أصبح ظهور تلك المقدرة يسمى
التعلم الناشئ ـ أي بداية القدرة على القراءة. ويبدو أن مدى خبرة الطفل باللغة
المحكية والمكتوبة هو المفتاح إلى التعلم الناشئ وليس عمره.
وتظهر الأبحاث أن الأطفال يبدؤون في الربط بين الأصوات والرموز التي تمثلها في
سن مبكرة. فربما أدهش صغار السن من الأطفال آباءهم بالكلمات الأولى التي يقرؤونها
مثل كلمتي ¸تخفيضات كبيرة· اللتين تضعهما المتاجر في لوحاتها الإعلانية. وإذا ما
طُلب من الأطفال الذين لا يستطيعون الكتابة أن يكتبوا القصة التي ما انفكوا يحكونها
شفويًا فإنهم يخربشون في الغالب الورقة خربشة منتظمة. ومثل هؤلاء الأطفال يبدون
فهمًا لماهية الكتابة وللطريقة التي توضع من خلالها على الورقة.
ولذلك، تثبت الأبحاث أن الأطفال يبدؤون فهم اللغة منذ الوهلة الأولى التي
يستمعون فيها إلى البالغين وهم يتحدثون معهم. ويبكي الأطفال، بدورهم، ليعربوا
للبالغين عن احتياجاتهم من خلال إصدار أصوات متنوعة. ويوحي التعليم الناشئ بأن
الأطفال من كل الأعمار يستطيعون التعلم من تجاربهم المرتبطة باللغة. فتجارب الأطفال
المنزلية والمدرسية تؤثر على جودة تعلمهم القراءة تأثيرًا بالغًا.

وعندما يبدأ الأطفال في استعمال اللغة، ينبغي على الآباء وغيرهم من البالغين أن
يحاولوا التخاطب معهم. وعندما يقومون بذلك، فإن عليهم احترام اهتمامات الطفل
وأفكاره والصبر على محاولاته للتعبير عنها. وبهذه الطريقة يعلم البالغون الأطفال
قيمة اللغة بوصفها وسيلة للتواصل، ويصبحون أيضًا مصدر معلومات رئيسيًا للطفل المحب
للاطلاع.التعلم في المنزل. يستطيع
الآباء وغيرهم من البالغين في المنزل تعزيز نمو قدرات الطفل المرتبطة باللغة بطرق
عديدة. ففي البداية، ينبغي عليهم التأكد من أن الطفل قادر جسديًا على القراءة من
خلال مراقبة مشاكله البصرية والسمعية التي يمكن معالجتها أو تصحيحها. وينبغي على
البالغين أيضًا قضاء وقت طويل في التحدث مع الطفل بصوت جذاب وواضح. فمن المحتمل أن
يثير مثل هذا الاهتمام في نفس الطفل الرغبة في اللغة ويعطيه الفرصة لتمييز أصوات
عديدة وبناء ثروة لفظية. ويقوم بعض البالغين بتحريك أشياء جذابة أمام عيني الطفل
لتنشيط يقظته وتدريبه على تنمية المهارات الحركية، أي مهارات التحكم في
حركات العينين والرأس.
ويستطيع الكبار مساعدة الطفل على التقاط الأفكار الأساسية وكيفية ارتباطها،
بعضها ببعض، مثل الفرق بين فوق وأسفل، وبين تحت وعلى.
وترك الطفل يشارك في أعمال المطبخ أو في بناء شيء ما طريقة ممتازة لتعريفه
بالمقاييس وإعطائه فكرة عن الأحجام والنِّسَبْ. ويستطيع الطفل من خلال مشاركته في
فرز الغسيل تعلم تصنيف الأشياء. وتساعد مثل هذه النشاطات على تنمية مهارات التفكير
المنطقي وتعلم الطفل أو الطفلة كيفية اتباع اطراد الاتجاهات.
وعندما يقرأ البالغ للطفل قراءة جهرية فإنه يستطيع مساعدته في تعلُّم حب الكتب
والقراءة. فالأطفال ـ بمن فيهم الذين لم يبلغو السن التي تسمح لهم بفهم الكلمات ـ
يستمتعون عادة بحميمية هذا النشاط. وينبغي على البالغين عندما يقومون باختيار مواد
قرائية للأطفال الكبار أن يراعوا نضج الطفل واهتماماته. فالطفل يستطيع المشاركة في
قصة ما من خلال طرح أسئلة حول أحداث القصة أو محاولة تخمين ما سيحدث لاحقًا. وفوق
هذا كله، تمكِّن القراءة الجهرية المستمرة للطفل البالغ من تبيين المتعة التي
تقدمها اللغة والقراءة. ويستطيع البالغون أيضًا أن يبينوا للأطفال محبتهم الشديدة
للقراءة وذلك بتخصيص وقت للقراءة بهدف إمتاع أنفسهم.
العمل مع المدرسة. تعول المدرسة على التعليم اللغوي الذي
بيدأ في المنزل. ويقوم المعلمون بتشجيع النمو القرائي من خلال القراءة للأطفال
وحكاية القصص لهم ومناقشة التجارب الطفولية وتزويدهم بخبرات جديدة. ويستطيع
المعلمون أيضًا إعطاء الأطفال الفرص العديدة ليعبروا عن أنفسهم تعبيرًا شفويًا، كما
يستطيعون كتابة أو طباعة القصص البسيطة التي يمليها عليهم الأطفال. وتركز برامج
القراءة في المراحل المبكرة على المهارات الأساسية الضرورية لإحراز الاستقلال في
التعرف على الكلمات الجديدة وفهمها. ومثل هذه البرامج تساعد الأطفال أيضًا على
استعمال الكلمات في جمل مفيدة وتنمي اهتمامات الأطفال ومواقفهم تجاه القراءة بوصفها
خبرة مقنعة.
ويعتمد نجاح الطالب في أن يصبح قارئًا مستقلاً اعتمادًا كبيرًا على التعاون بين
الآباء والمعلمين، إذ يمكن للآباء أن يعززوا تعليم المدرسة للقراءة من خلال التعرف
على تجارب أبنائهم في المدرسة. وأثناء تعلم الطفل القراءة، ينبغي على البالغين أن
يستمروا في تبيان أنهم يعدون القراءة نشاطًا مهمًا وممتعًا ونافعًا. فيمكنهم على
سبيل المثال، أن يكثروا من القراءة بانتظام، كما يمكنهم أيضًا وضع مواد قرائية
جذابة في المنزل.
وينبغي على الآباء وغيرهم من الكبار التعرف على القضايا والموضوعات المدرسية
التي تشوق الطفل على نحو خاص. فهذه المعلومات سوف تساعدهم على تحديد مدى الجودة
التي تخدم ـ أو يمكن أن تخدم ـ بها المواد القرائية اهتمامات الطفل الخاصة. وربما
قاد هذا ـ بعد ذلك ـ البالغين أنفسهم إلى تقديم مادة قرائية يقبل عليها الطفل عن
طيب خاطر. فعلى سبيل المثال، يمكن لأحد الأبوين أن يذكر لطفله المراهق ما كتبه أحد
النقاد حول لاعب كرة قدم جديد في مجلة معينة، ثم يضع تلك المجلة على طاولة الطعام
بحيث يمكن للمراهق أن يجدها فيما بعد ليتثبت من صحة ملاحظات الناقد أو يرفضها.
إن الأطفال الذين لا يولون المدرسة اهتمامًا كبيرًا، ويكون أداؤهم فيها ضعيفًا،
ربما لم يكونوا قد تحصلوا على القدرات القرائية الضرورية للنجاح، أو ربما افتقدوا
ببساطة الرغبة في موضوع القراءة. ونادرًا ما يؤدي إجبار الحدث على القراءة إلى حل
دائم، ومن المؤكد تقريبًا أنه لن يسهم في تنشئة قارئ جيد. لذلك، فإن مناشدة
اهتمامات صغار السن وتبيان أهمية القراءة وخدمتها لهم من الأساليب المهمة التي ثبت
نجاحها.
إن تعقيد عملية القراءة يجعل من تدريسها بطريقة واحدة فقط أمرًا بالغ الصعوبة.
وعوضًا عن ذلك، يستعمل أغلب معلمي القراءة مزيجًا من الأساليب يحدده أداؤهم الخاص
وحاجات الطلاب والمواد التدريسية المتاحة. وتشتمل البرامج التعليمية المألوفة
الاستعمال ما يلي : 1- المنهج الإنمائي، 2- المنهج التكاملي، 3-
منهج التعليم بالممارسة، 4- المنهج الصوتي، 5- المنهج البصري
الكلمي، 6- برامج القراءة الفردية.
المنهج الإنمائي. تستعمل هذه الطريقة مجموعة من الكتب
الدراسية التي تسمى كتب القراءة الأساسية. وتشكل هذه الكتب المواد الأساسية
في كثير من المدارس. وتتدرج كتب القراءة الأساسية في تقديم المهارات التي تعد مهمة
للقراء المبتدئين، وخاصة أساليب التعرف على الكلمات. وتتيح الكتب الدراسية للطلاب
الفرص لكي يوظفوا المهارات السابقة ويتدربوا عليها.
وتتكون الكتب الأساسية المعتادة لتعليم القراءة من كتب دراسية معدة لكل مستوى من
مستويات تعليم القراءة. ويحاول ناشرو هذه الكتب الدراسية تقديم قصص ومقالات وكتابات
أخرى ذات صلة بالأطفال. ويمكن أن يتضمن الكتاب مختارات من النصوص الأدبية التي حصلت
على جوائز أو النصوص الأدبية الفذة القديمة. وبالإضافة إلى كتب تعليم القراءة، تقدم
البرامج الأساسية كتب المعلمين، وكتب تمارين الطلاب والاختبارات، ومواد إضافية لكل
مستوى من مستويات القدرة القرائية. وعادة ما يقسم المعلمون الذين يستعملون الكتب
الأساسية لتعليم القراءة الأطفال إلى مجموعات وفقًا لقدراتهم القرائية واحتياجاتهم
التعليمية. ويستطيعون بعد ذلك اختيار المواد التعليمية التي تلائم أهدافهم
التعليمية واحتياجات الطلاب.
وفي البرامج الإنمائية تنطوي معظم دروس القراءة على إجابات مكتوبة يقدمها الطلاب
عن أسئلة حول الواجب وعلى إكمال صفحات كتب التمارين التي تمُكِّن الطلاب من التمرن
على المفاهيم المقدمة في دروس القراءة. ويركز عدد كبير من الدروس والنشاطات أيضًا
على تنمية الاستيعاب والتفكير التحليلي. وبالإضافة إلى ذلك، هناك برامج كثيرة تساعد
الطلاب على تحديد غايتهم من القراءة وتشجعهم على اختيار مواد قرائية إضافية.
وترسم خطط البرامج الإنمائية رسمًا مفصلاً، وتُمكِّن هذه البرامج المدارس من
تعديل دروس القراءة لتناسب كل المستويات. ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء أن هذه
البرامج تركز على أساليب التعرف على الكلمات على حساب الاستيعاب، خاصة فيما يتعلق
بالقراء المبتدئين.
المنهج التكاملي. يحاول هذا المنهج تعليم الطلاب أن اللغة
وسيلة فعّالة وممتعة للاتصال. وفيها يتعلم الأطفال الكلمات الجديدة من خلال المواد
المقروءة ذاتها، حيث يمكن فهم معاني الكلمات واستخداماتها أفضل فهم.
والعلاقات التي تربط بين القراءة والكتابة والاستماع والتحدث علاقات جوهرية
بالنسبة للمنهج التكاملي. فهذه الطريقة تعرف الكتابة على أنها أحاديث مطبوعة،
والقراءة والاستماع على أنهما وسليتا تعلم، والكتابة والقراءة على أنهما طريقتان
للتفكير باستعمال اللغة. ويبدأ المعلمون ـ الذين يأخذون بالمنهج التكاملي ـ تعليم
الأطفال اللغة الشفوية واللغة المكتوبة كلتيهما وهم في أصغر سن ممكنة، وفي بعض
الأحيان وهم في المرحلة التمهيدية.
وينص المنهج التكاملي على أن أفضل طريقة لتعلم القراءة هي قراءة المواد ذات
المعاني. ويؤكد معلمو المنهج التكاملي على هدف القراءة وعلى اختيار الطالب للمادة
المقروءة. فعوضًا عن أن يقرأ الطلاب نسخًا من كتاب مدرسي بعينه، يقرؤون مواد تعكس
اهتماماتهم الشخصية. وغالبًا ما يستطيعون اختيار موادهم القرائية الخاصة من الصف
الدراسي أو المدرسة أو المكتبة أو الكتب الخاصة.
ولا يتبع الصف الدراسي الذي يطبق المنهج التكاملي الدروس التي تتنبأ بالاحتياجات
التي تتطلبها طريقة ما لقراءة نص معين. ولا يدرب المعلمون طلابهم بعد الانتهاء من
قراءة نص معين على المهارات القرائية المستعملة لذلك النص. وعوضًا عن هذا كله، يأتي
التدريب ببساطة من خلال مزيد من القراءة.
منهج التعليم بالممارسة. يسعى هذا المنهج إلى تنمية
المهارات القرائية عن طريق جعل الطلاب يستعملون تجاربهم الخاصة وقدراتهم اللغوية.
ويرتكز هذا المنهج على الاعتقاد القائل بأن ¸ما يمكنني قوله يمكنني كتابته، وما
يمكنني كتابته يمكنني قراءته·. ويساعد هذا المنهج الطلاب على إدراك أن اللغة
المكتوبة هي ببساطة لغة شفوية في شكل مطبوع. ويستعمل المعلم أساليب الأطفال اللغوية
وأفكارهم لكي يساعدهم على تحسين مهاراتهم في القراءة والكتابة والاستماع والتحدث.
ويُستعمل هذا المنهج عادة في الصفوف التي تطبق المنهج التكاملي وفي بعض البرامج
الإنمائية.
وفي منهج التعليم بالممارسة، يصنع القراء المبتدئون نصوصهم الخاصة، وذلك بأن
يملوا على معلمهم أفكارًا لقصة معينة. ويعتمد الطلاب في تكوين هذه الأفكار على
تجاربهم الخاصة في المنزل والمدرسة. ويكتب المعلم أفكار القصة على السبورة أو على
صحائف ورقية كبيرة، صانعًا ما يسمى في بعض الأحيان صحائف الخبرة. ثم يراجع
المعلم صحيفة الخبرة مع الطلاب، ويطلب منهم قراءة جمل متنوعة، أو يراجع معهم المادة
التي تعلموها، أو يعلمهم أي كلمات جديدة تتضمنها الصحيفة. وقد يقوم الطلاب الأكثر
خبرة أيضًا بكتابة ورسم القصص ذاتها ليصنعوا كتبًا يقرأها الطلاب الآخرون.
ويعتقد بعض المربين أن منهج التعليم بالممارسة قد يحد من تعلم الطلاب أفكارًا
وثقافات مختلفة. بيد أن المعلمين سرعان ما يقومون، في أغلب الحالات، بالجمع بين
منهج التعليم بالممارسة والمناهج الأخرى. أما الخبراء الذين يفضلون منهج التعليم
بالممارسة فيعتقدون أنه أسلوب فعّال، وخاصة فيما يتعلق بإعطاء الأطفال فهمًا راسخًا
لماهية القراءة ـ وهي عملية الحصول على المعنى من الكلمات المكتوبة.
المنهج الصوتي. يعلم هذا المنهج الأطفال ربط الحروف
بالأصوات. والمنهج الصوتي في الواقع أسلوب من أساليب التعرف على الكلمات لا يصبح
منهجًا تعليميًا إلا من خلال التأكيد الشديد على نطق الحروف. ومن خلال استعمال
القواعد الصوتية يتعلم التلاميذ ربط الصوت الصحيح للحروف بكل جزء من أجزاء الكلمة
والتعرف على الكلمات ونطقها.
ويفترض معلمو المنهج الصوتي أن الأطفال يعرفون كلمات معينة من خلال سماعها.
ويفترضون أيضًا أن الأطفال يستطيعون تعلم أن الأصوات المتنوعة للغة المتحدث بها
تمثل حروفًا معينة أو خليطًا من حروف.
وبازدياد المفردات المرئية عند الأطفال يدركون أن بعض الكلمات تبدأ بالطريقة
نفسها، كما تنتهي كلمات أخرى بالطريقة نفسها، وتحتوي مجموعة ثالثة على حروف متشابهة
مثل (طحن، صحن)، (زرع، قرع) (زاد، زار). ويبدأ تعليم الأصوات في هذه المرحلة
لمساعدة الأطفال على تمييز الكلمات الجديدة.
وبدراسة الأصوات وأشكالها الكتابية يتعلم الطفل ربط الصوت الصحيح بكل جزء من
الكلمة ويميز نطق الكلمات.
ويبدأ المعلمون عادة بتعليم الطلاب الكلمات التي تتكون من حروف منفصلة مثل زرع،
وكذلك الكلمات التي تخلو من الصعوبات الإملائية، ويتدرجون منها إلى الكلمات التي
تحتوي على عناصر ذات طبيعة خاصة مثل اللام الشمسية أو الكلمات التي تخالف القواعد
الإملائية مثل هذا، وذلك والرحمن والسموات.
وتمكن معرفة مبادئ الطريقة الصوتية الشخص من تحديد أصوات كثير من الكلمات غير
المألوفة، كما تستطيع أيضًا مساعدة أطفال المرحلة الابتدائية على تعلم القراءة. لكن
أغلب الخبراء يعتقدون أن هذا المنهج يصبح أكثر جدوى عندما يُجمع بينه وبين المناهج
الأخرى التي تشدد على المعنى والاستيعاب.
المنهج البصري الكلمي. هو إدراك القارئ مجموعة حروف يراها
أول وهلة بوصفها كلمة. وتوصل هذه الكلمة معناها إلى القارئ بصورة سريعة جدًا إلى
درجة أن هذه العملية تبدو وكأنها عملية عفوية. وقد نشأ المنهج البصري الكلمي نتيجة
افتراض مؤداه أن أول ما يتعلمه الأطفال ربما كان التعرف على الكلمات من خلال
أشكالها أو من خلال السياق الذي تظهر فيه. فهم يتعلمون التعرف على أشكال كثير من
الكلمات من خلال الكتب السهلة وعناوين البرامج والإعلانات التلفازية وبطاقات
التعريف بالعديد من المنتجات. ويجب على القارئ المبتدئ أن يتحصل على ثروة لغوية
بصرية أساسية تتضمن الكلمات التي يكثر استعمالها باستمرار في اللغة المحكية.
وغالبًا ما نجد هذه الكلمات نفسها في اللغة المكتوبة. ويمكن مساعدة الأطفال في
التعرف على الكلمات البصرية الأساسية من خلال تدريبهم عليها.
ويعتقد بعض المختصين في تعليم القراءة أنه يمكن تعليم الكلمات الجديدة بوصفها
كلمات بصرية دون أي تحليل للأصوات التي تستلزمها. فالأطفال يتعلمون كلمات مألوفة
كثيرة بهذه الطريقة. وفي ثلاثينيات القرن العشرين، قاد التوسع في تطبيق هذا المنهج
إلى طريقة تدعى منهج انظر وقل أو منهج التعرف على الكلمة بوصفها كلا. ويركز
هذا الأسلوب على التعرف على الكلمة. ويمكن للمبادئ الصوتية أن تساند دون قصد التعرف
على الكلمات في هذه الطريقة. ولم يعد معلمو القراءة يركزون على التعليم بطريقة انظر
وقل، بيد أن تنمية المفردات البصرية لايزال يشكل جزءًا من تعليم القراءة في كثير من
الصفوف الدراسية.
برامج القراءة الفردية. تأخذ
هذه البرامج في حسبانها القدرات والاحتياجات الشاملة للطلاب. وتكيف هذه البرامج
التعليم والمواد القرائية لتتلاءم مع الحصيلة القرائية لكل طالب واهتماماته
وقدراته. وتحتوي الصفوف الدراسية والمكتبات المدرسية على كتب ومواد قرائية أخرى تفي
بحاجة العديد من مستويات قدرات الطلاب ومجالات اهتماماتهم. ويتطلب البرنامج القرائي
الفردي إشرافًا دقيقًا من المعلم، الذي يجب عليه أن يتحقق من التقدم الذي يحرزه كل
طالب في المهارات والمواقف والاهتمامات. ويتقدم كل طالب بأقصى سرعة ممكنة. ويمكن
لهذه البرامج أن تتضمن بعض عناصر المناهج التعليمية الأخرى مثل المنهج التكاملي
ومنهج التعليم بالممارسة.
ويمكن للتعليم الذي يستعين بالحاسوب أن يؤدي دورًا مهمًا في برامج القراءة الفردية،
على الرغم من أنه قد يكون أيضًا مكملاً للمناهج التعليمية الأخرى. ويتضمن التعليم
الحاسوبي نصوصًا متبوعة بأسئلة تقيس استيعاب الطالب. وإضافة إلى ذلك، تمكن برامج
الطباعة على الحاسوب الطلاب من صنع قصصهم الخاصة. ومثل هذه البرامج شائعة أيضًا في
الصفوف الدراسية التي تطبق منهج التعليم بالممارسة والمنهج التكاملي.